مقالات دولية

ضم جرينلاند: طموحات ترامب التوسعية في مواجهة القانون الدولي

عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإحياء فكرة استحواذ الولايات المتحدة على جرينلاند، الجزيرة التابعة للدنمارك. وبينما يبرر ذلك بأسباب استراتيجية واقتصادية، فإن القانون الدولي والتزامات الناتو يقفان عائقًا أمام ضم جرينلاند.

لماذا تهتم أمريكا بجرينلاند ؟

تتمتع جرينلاند بموقع استراتيجي مهم، إذ تقع ضمن فجوة جيوسياسية بين أمريكا الشمالية وأوروبا، ما يجعلها ذات أهمية عسكرية كبرى. استخدمتها الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، حيث بُنيت فيها قاعدة “ثولي” الجوية. اليوم، يزداد القلق الأمريكي من النشاط الروسي والصيني في المحيط المتجمد الشمالي، إلى جانب الاهتمام بالموارد الطبيعية الغنية للجزيرة، مثل المعادن الأرضية النادرة.

الواقع القانوني: هل يمكن ضم جرينلاند ؟

رغم رغبة ترامب، فإن جرينلاند ليست أرضًا بلا مالك. فقد حسمت محكمة دولية في عام 1933 تبعيتها للدنمارك، ومنذ ذلك الحين، تمتعت بحكم ذاتي متزايد، مع خارطة طريق واضحة نحو تقرير المصير. الحكومة الدنماركية أوضحت بشكل قاطع أن الجزيرة ليست للبيع، وأن سيادتها غير قابلة للنقاش.

السيناريو الأخطر: هل تلجأ أمريكا للقوة؟

الجزء الأكثر إثارة للجدل في موقف ترامب هو رفضه استبعاد استخدام الوسائل الاقتصادية أو حتى العسكرية لضم جرينلاند. لكن مثل هذه الخطوة ستكون انتهاكًا واضحًا لمعاهدة شمال الأطلسي لعام 1949 وميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، اللذين يؤكدان على احترام السيادة الإقليمية للدول. تجارب الغزو السابقة، مثل ضم العراق للكويت عام 1990 أو غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، أظهرت أن المجتمع الدولي لا يقبل بمثل هذه الانتهاكات دون رد.

الموقف الدولي: صمت أم قلق مكتوم؟

باستثناء الدنمارك وبعض دول الناتو، لم تصدر إدانات قوية ضد طموحات ترامب في جرينلاند، لكن ذلك لا يعني عدم وجود قلق دبلوماسي. فمن غير الواضح كيف ستتعامل واشنطن مع هذا الملف، وما إذا كانت ستسعى لفرض نفوذها بأساليب أخرى.

أستراليا في مأزق: بين الولاء للحليف واحترام القانون

بالنسبة لأستراليا، فإن أي تحرك أمريكي ضد جرينلاند سيشكل معضلة كبيرة. فهي حليف استراتيجي للولايات المتحدة، لكنها أيضًا من الدول التي تدافع عن النظام الدولي القائم على القواعد. فهل ستكون مستعدة لدعم واشنطن إذا لجأت للقوة؟ أم أنها ستختار الالتزام بالقانون الدولي حتى لو تعارض ذلك مع مصالحها الاستراتيجية؟


رغم أن فكرة ترامب تبدو غير واقعية حاليًا، إلا أنها تعكس تحولات كبرى في السياسة العالمية، حيث تسعى القوى الكبرى لإعادة رسم حدود النفوذ بطرق قد تتجاوز القانون الدولي. فهل سيبقى النظام العالمي قائمًا على احترام السيادة، أم أن القوة ستصبح العامل الحاسم في رسم مستقبل الدول؟

اقرأ أيضًا تهجير سكان غزة والضفة الغربية: خطة ترامب المثيرة للجدل ؟

كاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!