قصيدة بلقيس (الجزء الرابع) – نزار قباني

تزوج نزار قباني للمرة الثانية من سيدة أصلها عراقي واسمها بلقيس الراوي.
تقابل هذين الزوجين في أمسية شعرية في بغداد، لكن مأساة ألمت ببلقيس عندما فارقت الحياة خلال الصراعات الأهلية في لبنان حين تعرّضت السفارة العراقية في بيروت لهجوم انتحاري أسفر عن وفاتها.
نعى نزار قباني فقيده بقصيدته الشهيرة “بلقيس” وفي هذه القصيدة، أعرب عن اعتقاده بأن الجميع تسببوا في فقدانها وتوجيه اللوم لهم، وبسبب هذه الفاجعة لم يقم نزار قباني بالزواج مرة أخرى بعد رحيلها.
… اقرأ أيضاً قصيدة بلقيس (الجزء الثالث) – نزار قباني
بلقيس – نزار قباني
بلقيسُ ..
يا كَنْزَاً خُرَافيّاً ..
ويا رُمْحَاً عِرَاقيّاً ..
وغابَةَ خَيْزُرَانْ ..
يا مَنْ تحدَّيتِ النجُومَ ترفُّعاً ..
مِنْ أينَ جئتِ بكلِّ هذا العُنْفُوانْ؟
بلقيسُ ..
أيتها الصديقةُ .. والرفيقةُ ..
والرقيقةُ مثلَ زَهْرةِ أُقْحُوَانْ ..
ضاقتْ بنا بيروتُ .. ضاقَ البحرُ ..
ضاقَ بنا المكانْ ..
بلقيسُ: ما أنتِ التي تَتَكَرَّرِينَ ..
فما لبلقيسَ اثْنَتَانْ ..
بلقيسُ ..
تذبحُني التفاصيلُ الصغيرةُ في علاقتِنَا ..
وتجلُدني الدقائقُ والثواني ..
فلكُلِّ دبّوسٍ صغيرٍ .. قصَّةٌ
ولكُلِّ عِقْدٍ من عُقُودِكِ قِصَّتانِ
حتى ملاقطُ شَعْرِكِ الذَّهَبِيِّ ..
تغمُرُني،كعادتِها، بأمطار الحنانِ
ويُعَرِّشُ الصوتُ العراقيُّ الجميلُ ..
على الستائرِ ..
والمقاعدِ ..
والأوَاني ..
ومن المَرَايَا تطْلَعِينَ ..
من الخواتم تطْلَعِينَ ..
من القصيدة تطْلَعِينَ ..
من الشُّمُوعِ ..
من الكُؤُوسِ ..
من النبيذ الأُرْجُواني ..
بلقيسُ ..
يا بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
لو تدرينَ ما وَجَعُ المكانِ ..
في كُلِّ ركنٍ .. أنتِ حائمةٌ كعصفورٍ ..
وعابقةٌ كغابةِ بَيْلَسَانِ ..
فهناكَ .. كنتِ تُدَخِّنِينَ ..
هناكَ .. كنتِ تُطالعينَ ..
هناكَ .. كنتِ كنخلةٍ تَتَمَشَّطِينَ ..
وتدخُلينَ على الضيوفِ ..
كأنَّكِ السَّيْفُ اليَمَاني ..
بلقيسُ ..
أين زجَاجَةُ الغِيرلاَنِ؟
والوَلاّعةُ الزرقاءُ ..
أينَ سِجَارةُ ال الكَنْتِ التي
ما فارقَتْ شَفَتَيْكِ؟
أين الهاشميُّ مُغَنِّيَاً ..
فوقَ القوامِ المَهْرَجَانِ ..
تتذكَّرُ الأمْشَاطُ ماضيها ..
فَيَكْرُجُ دَمْعُهَا ..
هل يا تُرى الأمْشَاطُ من أشواقها أيضاً تُعاني؟
… اقرأ المزيد قصيدة بلقيس (الجزء الخامس) – نزار قباني