تزوج نزار قباني للمرة الثانية من سيدة أصلها عراقي واسمها بلقيس الراوي. تقابل هذين الزوجين في أمسية شعرية في بغداد، لكن مأساة ألمت ببلقيس عندما فارقت الحياة خلال الصراعات الأهلية في لبنان حين تعرّضت السفارة العراقية في بيروت لهجوم انتحاري أسفر عن وفاتها. نعى نزار قباني فقيده بقصيدته الشهيرة “بلقيس” وفي هذه القصيدة، أعرب عن اعتقاده بأن الجميع تسببوا في فقدانها وتوجيه اللوم لهم، وبسبب هذه الفاجعة لم يقم نزار قباني بالزواج مرة أخرى بعد رحيلها.
… اقرأ المزيد قصيدة بلقيس (الجزء الخامس) – نزار قباني
بلقيس – نزار قباني
بلقيسُ: يا قَمَرِي الذي طَمَرُوهُ ما بين الحجارَةْ .. الآنَ ترتفعُ الستارَةْ .. الآنَ ترتفعُ الستارِةْ .. سَأَقُولُ في التحقيقِ .. إنّي أعرفُ الأسماءَ .. والأشياءَ .. والسُّجَنَاءَ .. والشهداءَ .. والفُقَرَاءَ .. والمُسْتَضْعَفِينْ .. وأقولُ إنّي أعرفُ السيَّافَ قاتِلَ زوجتي .. ووجوهَ كُلِّ المُخْبِرِينْ .. وأقول: إنَّ عفافَنا عُهْرٌ .. وتَقْوَانَا قَذَارَةْ .. وأقُولُ: إنَّ نِضالَنا كَذِبٌ وأنْ لا فَرْقَ .. ما بين السياسةِ والدَّعَارَةْ!! سَأَقُولُ في التحقيق: إنّي قد عَرَفْتُ القاتلينْ وأقُولُ: إنَّ زمانَنَا العربيَّ مُخْتَصٌّ بذَبْحِ الياسَمِينْ وبقَتْلِ كُلِّ الأنبياءِ .. وقَتْلِ كُلِّ المُرْسَلِينْ .. حتّى العيونُ الخُضْرُ .. يأكُلُهَا العَرَبْ حتّى الضفائرُ .. والخواتمُ والأساورُ .. والمرايا .. واللُّعَبْ .. حتّى النجومُ تخافُ من وطني .. ولا أدري السَّبَبْ .. حتّى الطيورُ تفُرُّ من وطني .. ولا أدري السَّبَبْ .. حتى الكواكبُ .. والمراكبُ .. والسُّحُبْ حتى الدفاترُ .. والكُتُبْ .. وجميعُ أشياء الجمالِ .. جميعُها .. ضِدَّ العَرَبْ .. لَمَّا تناثَرَ جِسْمُكِ الضَّوْئِيُّ يا بلقيسُ، لُؤْلُؤَةً كريمَةْ فَكَّرْتُ: هل قَتْلُ النساء هوايةٌ عَربيَّةٌ أم أنّنا في الأصل، مُحْتَرِفُو جريمَةْ؟ بلقيسُ .. يا فَرَسِي الجميلةُ .. إنَّني من كُلِّ تاريخي خَجُولْ هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ .. هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ .. مِنْ يومِ أنْ نَحَرُوكِ .. يا بلقيسُ .. يا أَحْلَى وَطَنْ .. لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يعيشُ في هذا الوَطَنْ .. لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يموتُ في هذا الوَطَنْ .. ما زلتُ أدفعُ من دمي .. أعلى جَزَاءْ .. كي أُسْعِدَ الدُّنْيَا .. ولكنَّ السَّمَاءْ شاءَتْ بأنْ أبقى وحيداً .. مثلَ أوراق الشتاءْ هل يُوْلَدُ الشُّعَرَاءُ من رَحِمِ الشقاءْ؟ وهل القصيدةُ طَعْنَةٌ في القلبِ .. ليس لها شِفَاءْ؟ أم أنّني وحدي الذي عَيْنَاهُ تختصرانِ تاريخَ البُكَاءْ؟ سَأقُولُ في التحقيق: كيف غَزَالتي ماتَتْ بسيف أبي لَهَبْ كلُّ اللصوص من الخليجِ إلى المحيطِ .. يُدَمِّرُونَ .. ويُحْرِقُونَ .. ويَنْهَبُونَ .. ويَرْتَشُونَ .. ويَعْتَدُونَ على النساءِ .. كما يُرِيدُ أبو لَهَبْ .. كُلُّ الكِلابِ مُوَظَّفُونَ .. ويأكُلُونَ .. ويَسْكَرُونَ .. على حسابِ أبي لَهَبْ .. لا قَمْحَةٌ في الأرض .. تَنْبُتُ دونَ رأي أبي لَهَبْ لا طفلَ يُوْلَدُ عندنا إلا وزارتْ أُمُّهُ يوماً .. فِراشَ أبي لَهَبْ!!… لا سِجْنَ يُفْتَحُ .. دونَ رأي أبي لَهَبْ .. لا رأسَ يُقْطَعُ دونَ أَمْر أبي لَهَبْ .. سَأقُولُ في التحقيق: كيفَ أميرتي اغْتُصِبَتْ وكيفَ تقاسَمُوا فَيْرُوزَ عَيْنَيْهَا وخاتَمَ عُرْسِهَا .. وأقولُ كيفَ تقاسَمُوا الشَّعْرَ الذي يجري كأنهارِ الذَّهَبْ ..
… اقرأ المزيد قصيدة بلقيس (الجزء السابع) والأخير – نزار قباني
3677 1 0 cookie-check قصيدة بلقيس (الجزء السادس) – نزار قباني no